responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 939
[بَابُ الْوَتْرِ]

لِعَدَمِ تَكَلُّفِهِمْ وَكَمَالِ تَأَلُّفِهِمْ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ لَهُ: أَنْتَ. دُونَ (أَنْتُمُ) الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى حُسْنِ الْآدَابِ فِي مَعْرِضِ الْخِطَابِ - لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى قَائِلِهِ الْعِتَابُ، وَتَكَلَّفَ الطِّيبِيُّ هُنَا فِي شَرْحِ الْكِتَابِ، وَأَوْرَدَ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ، وَنَسَبَ قِلَّةَ الْأَدَبِ إِلَى الْأَصْحَابِ وَقَالَ عَلَى وَجْهِ الْإِطْنَابِ.
فَإِنْ قُلْتَ: أَلَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِ خِلَافُ ذَلِكَ تَوْقِيرًا لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ قُلْتُ: لَعَلَّهُ صَدَرَ عَنْهُ لَا عَنْ قَصْدٍ أَوْ لَعَلَّهُ اسْتَغْرَبَ كَوْنَهُ عَلَى خِلَافِ مَا حُدِّثَ عَنْهُ وَاسْتَبْعَدَهُ، فَأَرَادَ تَحْقِيقَ ذَلِكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَلِذَلِكَ أَنْكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: مَا لَكَ إِلَخْ؟ فَسَمَّاهُ وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ، وَكَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ: وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا، فَإِنَّهُ حَالٌ مُقَرِّرَةٌ لِجِهَةِ الْإِشْكَالِ، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ فِي عَادَتِهِمْ يَفْعَلُهُ الْمُسْتَغْرِبُ الشَّيْءَ الْمُتَعَجِّبُ مِنْ وُقُوعِهِ مَعَ مَنِ اسْتَغْرَبَ مِنْهُ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي الْمُتَعَارَفَ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَدَبِ، وَنَظِيرُهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ كَانَ رُبَّمَا لَمَسَ لِحْيَتَهُ الشَّرِيفَةَ عِنْدَ مُفَاوَضَتِهِ مَعَهُ. . اهـ.
وَقَدْ شُوهِدَ فِي زَمَانِنَا أَنَّ بَعْضَ أَجْلَافِ الْعَرَبِ يُمْسِكُ لِحْيَةَ شَرِيفِ مَكَّةَ وَيَقُولُ: أَنَا فِدَاكَ يَا حَسَنُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَعْلُهُ مُعَلَّقًا فِي إِصْبَعِهِ. (فَقَالَ: " مَا لَكَ؟ ") ، أَيْ: مَا شَأْنُكَ، وَأَيُّ غَرَضٍ لَكَ، أَوْ، أَيُّ شَيٍّ أَقْلَقَكَ وَأَزْعَجَكَ حَتَّى فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ (" يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ") : وَعِنْدَهُمُ التَّسْمِيَةُ تَدُلُّ عَلَى الْمَعْرِفَةِ وَالْخُصُوصِيَّةِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَأَنْتَ مِنَ الْعِلْمِ وَالتَّقَدُّمِ بِالْمَحَلِّ الْمَعْرُوفِ، وَلِذَا جَاءَ أَنَّهُ كَانَ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَفْقَهَ. (قُلْتُ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ) ، أَيْ: حَدَّثَنِي النَّاسُ (أَنَّكَ قُلْتَ: " صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَّلَاةِ ") : وَكَذَا هُنَا بِلَفْظِ: " عَلَى " (" وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا ") : وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَعْمَالَكَ لَا تَكُونُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْأَكْمَلِ وَطَرِيقِ الْأَفْضَلِ، فَهَلْ تَحْدِيثُهُمْ صَحِيحٌ وَلَهُ تَأْوِيلٌ صَرِيحٌ أَمْ لَا؟ (قَالَ: " أَجَلْ ") ، أَيْ: نَعَمِ الْحَدِيثُ ثَابِتٌ، أَوْ نَعَمْ قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ. (" وَلَكَنَّى لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ ") : يَعْنِي هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِي أَنْ لَا يَنْقُصَ ثَوَابُ صَلَوَاتِي عَلَى أَيِّ وَجْهٍ تَكُونُ مِنْ جَلَوَاتِي، وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، قَالَ تَعَالَى: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113] (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

1253 - وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ: لَيْتَنِي صَلَّيْتُ فَاسْتَرَحْتُ، فَكَأَنَّهُمْ عَابُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَقِمِ الصَّلَاةَ يَا بِلَالُ، أَرِحْنَا بِهَا» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1253 - (وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ) : قَالَ فِي الْكَاشِفِ: هُوَ ثِقَةٌ. (قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ) : قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ شَهِيرَةٌ (لَيْتَنِي صَلَّيْتُ فَاسْتَرَحْتُ) ، أَيْ بِعِبَادَةِ رَبِّي وَمُنَاجَاتِهِ، وَلَذَّةِ قِرَاءَةِ آيَاتِهِ. (فَكَأَنَّهُمْ) ، أَيْ بَعْضَ الْحَاضِرِينَ الْغَائِبِينَ عَنْ مَعْنَى الْحُضُورِ (عَابُوا ذَلِكَ) ، أَيْ تَمَنِّيهِ الِاسْتِرَاحَةَ (عَلَيْهِ) : حَيْثُ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ مُحْتَمِلَةً لِلِاسْتِرَاحَةِ بِهَا أَوْ مِنْهَا لِغَفْلَتِهِمْ عَنْهَا، وَقَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ عَابُوا تَمَنِّيَهُ الِاسْتِرَاحَةَ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ شَاقَّةٌ عَلَى النَّفْسِ وَثَقِيلَةٌ عَلَيْهَا، وَلَعَلَّهُمْ نَسُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45] . (فَقَالَ) ، أَيِ: الرَّجُلُ (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَقِمِ الصَّلَاةَ يَا بِلَالُ! أَرِحْنَا بِهَا ") : قَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ أَرِحْنَا بِأَدَائِهَا مِنْ شُغْلِ الْقَلْبِ، وَقِيلَ: كَانَ اشْتِغَالُهُ بِالصَّلَاةِ رَاحَةً لَهُ فَإِنَّهُ كَانَ يَعُدُّ غَيْرَهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الدُّنْيَوِيَّةِ تَعَبًا، وَكَانَ يَسْتَرِيحُ بِالصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْمُنَاجَاةِ، وَلِذَا قَالَ: " «وَقُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» " قُلْتُ: هَذَا الْقِيلُ هُوَ الْقَوْلُ، وَمَا عَدَاهُ مِنْ قَبِيلِ قَالَ وَقِيلَ، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الطِّيبِيِّ لَيْسَ مُرَادًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَرِحْنَا بِالدُّخُولِ فِيهَا. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 3  صفحه : 939
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست